لا شيء يثير مخاوف الشركات أكثر من الاستحقاقات الماليةِ التي تنتظرها في المستقبل، تلك الاستحقاقات التي يجب أن تؤدى دونما تسويفٍ، وهو ما يتطلَّب الموازنةَ بين الإيرادات والنفقات في ضوءِ الكثيرِ من المعطيات التي ترسم خارطةَ الطريق بالنسبةِ للمستقبلِ المالي للشركات.
يستعرض مقالُ اليوم مفهومَ التقرير الاكتواري باعتبارِه الوسيلةَ المستخدمة لفهم المخاطر المستقبلية وتحديد الاستراتيجيات الماليةِ المناسبةِ للتحوط ضد هذه المخاطر، هذا إلى جانب التركيز على المحتويات الأساسية لهذا التقرير واستخداماتِه في القطاعات المختلفة.
التقرير الاكتواري هو ذلك المستند الذي يعمد إلى المخاطر الماليةِ فيقوم بتحليلِها تحليلًا دقيقًا، آخذًا في اعتبارِه العديد من المتغيرات، ومعتمدًا في ذلك على الأساليب الرياضيةِ والإحصائيةِ المتقدمة، التي تسمح باستخدام التقرير في عدةِ مجالات مثل:التأمين، المعاشات، والاستثمارات.
يضم التقرير الاكتواري مجموعةً من العناصر التي يُعوَّل عليها لبناء التوقعات الماليةِ الدقيقة، وهو ما يوفر للإدارةِ العليا الرؤى الواضحة؛ لاتخاذِ القرارات الصائبة، التي تضمن للشركةِ الاستقرار المالي، وفيما يلي بيان للمحتويات الأساسية لهذا التقرير:
يشير هذا العنصر إلى التقديرات التي يستخدمها الخبراءُ الاكتواريون للتنبؤ بالأحداث المستقبليةِ التي تؤثر على التأمينات، الاستثمارات، والمعاشات التقاعدية.
تشمل هذه الافتراضات كلًّا من: معدلات الوفاة والعجز، أسعار الفائدة، ومعدلات التضخم، إذ تؤخذ هذه الافتراضات في الحسبان لتحديد الأقساط والاحتياطيات الواجب توفيرها لئلا يحدث عجزٌ اكتواريٌ (Actuarial Deficit) في المستقبل.
لا يخلو التقرير الاكتواري من التحليلات الماليةِ التي تمثل أحد مكوناتِه الأساسية، حيث يتم الاعتماد عليها لتقييم استدامة المنتجات التأمينية، ووضع خطط التقاعد المناسبة، التي لا تُعجِز الشركات عن تحقيقِ أهدافِها نحو التوسع.
تُجرى التحليلاتُ الماليةُ من خلال رصد الاحتياطيات المتوفرة، هذا إلى جانب مراقبة التدفقات النقدية من وإلى الشركة، وعلى هذا الأساس يستند الخبراء الاكتواريون في تقديم التوصيات الصائبة لعمليات التسعير التي تضمن الاستمراريةَ للشركات على المدى البعيد.
يتوقع الاكتواريون ما يمكن أن تؤول إليه الأمور مستقبلًا، ولا يتم ذلك إلا من خلال النماذج الرياضيةِ والإحصائيةِ المتقدمة، حيث يُقدَّر تواتر المطالبات بالمستحقات المالية، وبالنظر إلى الوضعِ الماليِ الراهن، يكون في وسعِ الشركات التأهب للتحديات المحتملة، مما يضمن لها الاستمراريةَ والامتثال للمتطلبات التنظيمية، الأمر الذي لا يُجنِّبها العقوبات فحسب، بل إنه ينم عن احترافيتِها ويجعلها الوجهةَ الأولى لذوي الكفاءات.
يُذيَّل التقرير الاكتواري بالتوصيات التي يقدمها الخبراء في ضوء الافتراضات، التحليلات، والتنبؤات التي قاموا بها، وبذلك تجد الشركات المتسع لتعديل سياساتِها بما يضمن استقرار النظامِ المالي، وذلك من خلال اتخاذ بعض التدابير والإجراءات مثل: زيادة الاحتياطيات وتعديل النفقات.
لا شك أن الخبراءَ الاكتواريين يمثلون الضلع الأساسي لإعداد التقارير المتعلِّقة بالأنظمةِ التأمينية والمالية، ولكن ما دور الذي يقومون بأدائه على وجه التحديد؟ هذا ما سوف تجيب عنه النقاط التالية:
يعتمد الاكتواريون على مجموعةٍ من النماذج الرياضية لإعداد التقارير الاكتوارية، والتي تُستخدم لتحديد قيمة الالتزامات المستقبلية (الخصوم) والموارد المتاحة (الأصول)، مما يمهد الطريق لتغطية هذه الالتزامات فور أن يحين موعد استحقاقِها، وفيما يلي بيان لأبرز النماذج المستخدمة:
يُعتمَد على هذا النموذج لتقدير القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية، حيث يقوم النموذج على المبدأ البسيط الذي يقر بأن قيمةَ المال في المستقبل تنخفض نتيجة التضخم وغيره من المخاطر المرتبطة بالزمن، لذا يتم خصم التدفقات النقدية المستقبلية حتى تُخفَّض إلى قيمتِها الحالية باستخدام معدل فائدة مناسب.
يهدف هذا النموذج إلى تحديد احتمالات البقاء على قيد الحياة أو الوفاة خلال فترةٍ زمنيةٍ معينة، وفي ضوء هذه الاحتمالات تُحتسَب القيمةُ المتوقعةُ للمزايا المستقبلية التي سيحصل عليها المستفيدون من التأمين أو التقاعد، ما يعني أن النموذج ينظر إلى عنصرين أساسين هما معدل الوفاة ومعدل الفائدة.
تُستَخدم نماذج ماركوف لتمثيل حركة الأفراد عبر الحالات المختلفة، فعلى سبيل المثال نجد الأصحاء، المرضى، المصابين، والمتوفين، وبمرور الوقت ينتقل الأفراد من حالةٍ لأخرى، لذا تكون هذه النماذج ضروريةً لتصميم الخطط التأمينية وتحديد أنظمة التقاعد تبعًا للاحتمالات المستقبلية للأحداث المختلفة.
تتعدد أنواع التقارير الاكتوارية نظرًا لتفاوت طبيعة المخاطر وأهداف التغطية، فعلى سبيل المثال تتسم تقارير التأمين على الحياة بسماتٍ مغايرةٍ تمامًا لما تبدو عليه تقارير الصناديق التقاعدية.
تُركِّز هذه التقارير على احتساب المخاطر المرتبطة بالوفاة، لذا نجد أنها تعمد إلى تحليل الجوانب المؤثرة على العمر المتوقع للأفراد المؤمَّن عليهم، وهو ما يسمح لشركات التأمين بتحديد الأقساط المناسبة تبعًا لهذه المخاطر وغيرها من العوامل الاقتصادية المؤثرة على سعر الفائدة.
من خلال هذه التقارير تُحلَّل مخاطر التكاليف المتعلِّقة بالرعايةِ الصحية، ما يعني أنها لا تنظر إلى مخاطر الوفاة، بل تبحث عن نفقات العلاج المتزايدة ومعدلات الإصابة بالأمراض، آخذةً في اعتبارها السجلَ الطبي للمؤمَّنِ عليه.
تتعامل هذه التقارير مع مخاطر لا يمكن التنبؤ بها بدقة، كتلك التي تنتج عن الحوادث والكوارث الطبيعية، الأمر الذي يدفع الاكتواريين إلى وضع هوامش أكبر لتغطية هذه المخاطر المباغِتة.
يهدف التقرير الخاص بالتقييم الاكتواري لنهاية الخدمة إلى احتساب قيمة المعاشات المستحقة في المستقبل، وعادةً ما تكون هذه التقارير أكثر تعقيدًا من غيرِها، نظرًا لأن الأفراد قد يحصلون على المعاشات لمدةٍ طويلة تمتد لعقودٍ بعد التقاعد، مما يستلزم النظر إلى عدةِ عوامل مثل: معدلات الوفاة المحتملة، العوائد الاستثمارية، والتقلبات الاقتصادية الناتجة عن التضخم.
تتعامل هذه التقارير مع التقيم مزايا منافع الموظفين وفقاً للمعايير الدولية ووفقا لقانون نظام العمل .
تؤثر العوامل الاقتصادية على معدلات التضخم وأسعار الفائدة، فيما تختلف معدلات الوفيات تبعًا للأنماطِ الاجتماعيةِ السائدة، وفي الوقت الذي يعتقد خلاله الكثيرون أن هذه العوامل تتغير بنسقٍ يمكن التنبؤ به، نجد أنها قد تتبدل بشكلٍ فجائي نتيجةَ الأزماتِ المالية، الكوارث الطبيعية، والصراعاتِ السياسية، الأمر الذي يُفقِد التقديرات الاكتوارية دقتَها المعهودة.
للتغلب على هذا التحدي، يجب الاستعانة بنماذج المحاكاة المتقدمة لتحليل السيناريوهات المختلفة، ومن الضروري أن يتم التعاون بين الاكتواريين وخبراء الاقتصاد والاجتماع، إذ يسفر هذا التعاون عن تقييماتٍ أكثر دقةً للاتجاهات المستقبلية.
تطرأ التعديلات على القوانين الحاكمة لنظام التأمينات الاجتماعية، كما تتغير السياسات الضريبية والتشريعات المتعلِّقة بالتأمين الصحي، وفي ظل هذه التغيرات تتأثر التوقعات الاكتواريةُ بالسلب، مما يُصعِّب مهمةَ الاكتواري كلما سعى نحو إعدادِ تقريرٍ على جانبٍ كبيرٍ من الدقة.
يجب أن يستمر الخبراء في مراقبة التطورات التشريعية، وقد يتطرق التقرير الاكتواري إلى السيناريوهات المحتملة التي تنتج عن التغيرات التشريعية، هذا إلى جانب إظهار التأثير المتوقع لتلك التقلبات على نتائج التقرير.
في بعض الأحيان، يعاني الاكتواريون من نقص البيانات أو عدم دقتها، وهو الأمر الذي يحول بينهم وبين إعداد التقارير الدقيقة، حيث تظهر هذه المشكلة بشكلٍ واضحٍ في الشركات الناشئة التي لا تملك سجلًا اكتواريًا على الإطلاق.
لتحسين جودة البيانات المعتمد عليها في إعداد التقارير الاكتوارية، سوف يتطلَّب الأمر التعاون مع الجهات المعنية، وقد تساهم تقنيات التحليل الإحصائي في تحليل البيانات المتقطعة للكشف عن المضلِّلِ منها، كما يوصى الاكتواريون بتوسيع النطاق الذي تُجلَب منه البيانات، فالسجلاتُ التاريخيةُ قد لا تكون كافيةً، لذا لا حرج في الاطلاع على بيانات من دول مشابهة في بيئاتٍ اقتصاديةٍ أو اجتماعيةٍ مماثلة.
يوصى باللجوء إلى شركة KHCPA (الخنيزان وشريكه محاسبون ومراجعون قانونيون) للحصول على تقريرٍ اكتواريٍ دقيق يعكس الأوضاع الراهنة للمؤسسات ويكشف بوضوحٍ عن مستقبلِها المالي، حيث يتمتع فريق الشركة بخبرةٍ ممتدة وقدرةٍ هائلة على استخدام النماذج الاكتوارية المتقدمة.
في الختام، لا يسعنا سوى التأكيد على أهمية التقرير الاكتواري، فهو ليس مجرد وثيقةٍ تُضاف إلى سجلات الشركة، بل إنه البوصلةُ التي يتحدد على أساسِها المسار المالي والقرارات المصيرية داخل المؤسسات المختلفة، وذلك للحفاظ على استمراريتها رغم المنافسةِ التي تشتعل يومًا بعد يوم.
يقدم هذا التقرير يد العون للشركات، إذ يضمن لها استدامة برامج التأمين وخطط التقاعد، هذا إلى جانب تحليل المخاطر التشغيلية والمالية، مما يؤهلها لتغطية التزاماتِها المستقبلية في ظل التخصيص الملائم للموارد المتاحة.
نعم، فالتقرير الاكتواري يُركِّز في المقام الأول على المخاطر المالية المستقبلية، بينما تقتصر رؤية التقرير المالي على الأوضاع الحالية غير مكترثٍ بما قد تؤول إليه الأمور مستقبلًا.
يتغير التقرير بمرور الوقت تبعًا لتحديثات البيانات وتفاوت الافتراضات المستخدمة في إعدادِه، فالتغيرات الاقتصادية، تباين معدلات الوفاة، انتشار الأوبئة، والصراعات السياسية هي أبرز العوامل التي تؤثر على الافتراضات والنتائج التي ينتهي إليها التقرير. كيف يؤثر التقرير الاكتواري على الشركات؟
هل هناك فرق بين التقرير الاكتواري والتقرير المالي؟
لماذا تطرأ التغيرات على التقرير الاكتواري بمرور الوقت؟
تقدم شركتنا حزمة متميزة من الخدمات المالية والاستشارية بكفاءة عالية.
نقدم خدمات التدقيق والمراجعة لضمان الامتثال والشفافية في البيانات المالية.
نقدم خدمات التدقيق الداخلي المصممة لتعزيز الضوابط الداخلية وإدارة المخاطر بشكل فعال.
نحن نقدم حلولاً استشارية مخصصة لمساعدتك على مواجهة التحديات المالية واتخاذ قرارات استراتيجية مستنيرة.
نحن نقدم استشارات مالية متخصصة في بناء نماذج خسائر الائتمان المتوقعة (ECL)، مما يساعدك على تقييم وإدارة مخاطر الائتمان للعملاء بكفاءة.
نقدم خدمات مسك الدفاتر والمحاسبة الشاملة لضمان دقة البيانات المالية والامتثال للمعايير المحاسبية.
نتميز بتقديم خدمات التقييم الاكتواري لمساعدتك في تقييم التزامات مزايا الموظفين بدقة وكفاءة
